بيان مقاطعة استفتاء 25 جويلية 2022
تشهد تونس يوم 25 جويلية 2022 استفتاء على دستور قيس سعيد، بعد سنة من انقلاب رئيس الدولة قيس سعيد على دستور 2014 الذي أقسم على القرآن الذي يؤمن به بأن يحترم هذا الدستور، وفي أول فرصة ينقلب عليه وينقلب على الديمقراطية التي أوصلته للحكم.
ولم يكتفي بذلك بل حل البرلمان المنتخب ديمقراطياً ووضع يده على المحكمة الدستورية وجمع جميع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بحيث عاد إلى الديكتاتورية التي انتفض الشعب التونسي عليها سنة 2011، ولم يكتفي بذلك بل فرض دستور لتونس يرسخ هذه الديكتاتورية ويجعلها قانونية بنص الدستور الذي يريد أن يمرره على الشعب التونسي.
نحن كحركة تغيير شمال أفريقيا حركة فكرية اجتماعية تقدمية مستقلة، تؤمن بالنضال السلمي والنشاط ضمن القانون، رغم أننا لم نوافق على كل ما جاء في دستور 2014 الذي لم يعترف بالهوية الحقيقية للأرض التونسية التي هي أرض أمازيغية إفريقية ونسبها للجزيرة العربية وللقارة الآسيوية.
ولم يعترف بالسكان الأصليين الأمازيغ وبكل الوافدين على تونس عبر التاريخ قبل وبعد الغزو العربي لشمال أفريقيا ونسبهم كلهم للعرب والعروبة، من المفروض كل من يحمل الجنسية التونسية مهما كان أصله وفصله يعتبر مواطن تونسي بأتم معنى للكلمة وله كل الحقوق والواجبات كمواطن تونسي في دولة مدنية.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن دستور 2014 لم يلغي الدين كلياً الذي يعتبر دستور لكل التوانسة مهما كان معتقدهم ودينهم أو مذهبهم، ولا دخل للدين مهما كان في فصول الدستور ولا دخل للدين في التشريع القانوني كذلك.
القانون يجب أن يكون مدني وضعي متفق عليه على حسب المبادئ الكونية لحقوق الإنسان، ومن يريد أن يطبق تشريعات دينية فليطبقها على نفسه ولا يلزم بها أحد، هكذا يجب أن تكون دساتير الدول المتقدمة والحضارية.
ولكن رغم عدم موافقتنا على كل ما جاء في دستور 2014، فإن ما جاء فيه من فصول تفصل بين السلطات وتنظيم الحياة السياسية وفرض الديمقراطية والحرية وخاصة حرية الضمير وغيرها من الفصول التي تمنع عودة الديكتاتورية أو منع الحرية، جعلتنا نقبل ضمنياً بهذا الدستور ونواصل نضالنا لكي يرتقي هذا الدستور في المستقبل إلى دستور حضاري يليق بتونس.
ولكن انقلاب قيس سعيد على الدستور وتقديم دستور جديد يخصه هو فقط ومن يحمل عقلية متخلفة سلفية لا تعترف بكل القيم الحضارية الإنسانية، دستور يجمع كل السلطات في يد أمير أو خليفة فوق المحاسبة القانونية والدستورية.
دستور لا يعترف لا بالدولة المدنية ولا بالمواطن كفرد بل يعترف بالأمة العربية فقط ويقصي جميع السكان الأصليين لتونس الأمازيغ ومن وفد عليها عبر التاريخ ولم يكتفي بذلك فقط بل اقحم الدين الإسلامي في الدستور وجعل الدولة هي الراعية المباشرة لتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية ونسب الشعب التونسي كله للأمة الإسلامية ناكراً كل الأديان الأخرى والمعتقدات التي يعتقد أو يؤمن بها الشعب التونسي، مما سيجعل كثير من التوانسة أنفسهم غير تونسيين على حسب نص هذا الدستور خاصة من ليسوا عرب وليسوا مسلمين وهذه كارثة كبيرة سوف تحدث في المستقبل بعد تمرير هذا الدستور بالقوة.
إذاً حركة تغيير شمال أفريقيا تنكر كلياً هذا الدستور ولا تعترف به إطلاقاً سوى تمت الموافقة عليه أم لا؛ لأنه لا يمثل تونس كدولة حرة مدنية مستقلة.
هذا الدستور لم يأتي به الشعب التونسي على اختلاف تركيبته السياسية أو العقائدية وإنما جاء به شخص واحد وتركيبة واحدة ديكتاتورية متخلفة تحمل عقلية سلفية قديمة لا تنظر لا للواقع التونسي ولا لمستقبل تونس وتعيدنا ليس لما قبل الاستعمار الفرنسي والتركي بل تعيدنا إلى الاستعمار العربي الإسلامي.
حركة تغيير شمال أفريقيا لا تعترف بقيس سعيد رئيساً لتونس بل فقد كل الشرعية الدستورية والشعبية بعد الانقلاب الذي قام به يوم 25 جويلية 2021، فلا يحق له تقديم دستور لتونس وعليه أن يتنحى عن السلطة كلياً وأن يسحب مشروع هذا الدستور لقيام انتخابات رئاسية وبرلمانية في أسرع وقت ممكن والعودة لدستور 2014 ثم العمل على تنقيح هذا الدستور تنقيح حقيقي يناسب القيم الحضارية الإنسانية ويرفع من شأن تونس ويعمل على تقدمها.
حركة تغيير شمال أفريقيا تعتبر التصويت على دستور قيس سعيد بنعم أو لا، أو حتى المشاركة في هذا الاستفتاء بورقة بيضاء يعتبر اعتراف ضمني بالديكتاتورية التي تحكم تونس والتي تريد أن تفرض الأمر الواقع وتأخذ تونس نحو جمهورية ديكتاتورية ثالثة وهذه المرة سوف تكون ديكتاتورية عربية إسلامية تقضي على كل التنوع الذي تتمتع به تونس منذ فجر التاريخ.
حركة تغيير شمال أفريقيا تدعو كل من لا يرى نفسه في هذا الدستور أن يثبت لنفسه أولاً وللتاريخ أنه مقاطع كلياً لهذا الاستفتاء الغير شرعي والغير قانوني والذي يمحي كل الإنجازات التي حققتها تونس ويعود بنا إلى العصور الوسطى وعهد الخلافة ويجعل من تونس إمارة من إمارات العالم العربي الإسلامي، تونس دولة مدنية حرة مستقلة وتعاملها مع بقية الدول يجب أن يكون على حسب المصلحة المشتركة وليس على حسب التبعية.
حركة تغيير شمال أفريقيا تعتبر مرور هذا الدستور شيء حتمي من طرف قيس سعيد الديكتاتور المنقلب والغير شرعي لتونس لو لم نفعل شيئاً لإفشال هذا الاستفتاء بكل الطرق المشروعة والسلمية والحضارية، ولهذا حركة تغيير شمال أفريقيا موقفها واضح في هذا الاستفتاء وتضم صوتها إلى كل الأشخاص والجماعات المدنية والحزبية التي تقاطع هذا الاستفتاء مهما كان خلافنا الفكري معهم، الخلاف والتنوع مقبول مهما كان وهو يعتبر ثراء وغنى لكل شعب، ولكن اللاشرعية والديكتاتورية ومنع الحريات والإقصاء فهذا غير مقبول كلياً.
هولندا: الثلاثاء 19 جويلية/يوليو 2022
حركة تغيير شمال أفريقيا
Im very pleased to uncover this site. I need to to thank you for ones time just for this wonderful read!! I definitely enjoyed every part of it and i also have you book marked to look at new things on your website.