زمن الإضطراب
“ليته كان ممكناً أن تؤثر فيهم الكلمات الصادقة في عذابها وبلاغة ارتجافها تأثيراً مساوياً لما في نفوس وعقول من ينطقونها” عبدالله القصيمي
السحر (الشعوذة) من علامات تخلف وجهل وإنحطاط الأمة الأمازيغية التي كونت أجيال من المشعوذين والأشراف المخصيين وتماتم المفلسين. زرعت الفقر والأمية والبطالة والهجرة إلى المدينة والخارج التي هي عبارة عن علامات لسرقة واستغلال واستنزاف تامازغا في كل مواردها الطبيعية والبشرية! الصوفية (المرابطي) وبركات الشيوخ وصلاوت الإستمناء وتحطيم القبور وخِرق الحجاب والنقاب كلها علامات تفسخ عقلي واخلاقي، انعدام المستوى التعليمي والاعلامي والسياسي والثقافي والأدبي كلها علامات موت الوطنية وروح الهوية وغياب التجديد الفعلي (ليس التغني به). هذا وطننا، لن تغيره ثورة الجياع ولا ثورة الدم ولا إرادة الملوك! ولا مهاجري مارسيليا .
انتم الذين تحلمون بنمو اقتصادي تحت الإقطاعيات! تحلمون بتحرر اجتماعي تحت الحنبليات! تعيش بداخلكم كل العقد النفسية والجنسية التي من الممكن أن تجتمع بمخلوق، احلامكم كاذبة وقدركم أن تعيشوا عبيد، دستور جديد برلمان جديد رئيس جديد ولكنكم عبيد، ولدتم عبيد وستموتون عبيد.
فالعبد لا يعي ذاته! هل دعى الله إلى القومية المحمدية واغتصاب الأرض وتجهيل العباد ونشر الخرافة وتحريم الحرية والحب والأخلاق الباطنية الصادقة؟ بطبيعة الحال انتم لستم ملحدين او مؤمنين، لا تؤمنون بالمادة او الروح بقدر ما تؤمنون باللامعقول! بالوهم المقدس، بالحياة داخل القبر، حياة اسوأ من حياة العاهرات.
كل ثوراتكم ظاهرية زائفة منافقة لا وزن لها في حركة التاريخ. ركب عليها اصحاب اللحي الأوغاد الذين يمثلون احط نقطة في تاريخ البشرية المعاصر في استغلالهم لجهلنا. هل هذه ثورات يستلم حكمها من لا يؤمنون بنظرية التطور ودوران الأرض، يؤمنون بالشهاب الثاقب والعفاريت الشيعية وخثان المرأة! يسيرون وراء خلفاء البتروريال، وراء اسيادهم الأعراب والأغراب.
انتم لا تملكون في الدنيا إلا انتحال نسب او تقبيل يد او صمت ذليل ولهذا فتختلط بداخلي مشاعر الإحتقار والشفقه واليأس والغثيان اتجاهكم! يفاجئني دائماً ذلك السؤال السرمدي، هل يملك الأمازيغ بعربفونييهم ومازيغفونييهم وفرانكفونييهم عقلاً؟؟ هل يملكون ضميرً صادقاً يؤمن بالأنسان والأرض والذات،
وليس ضميراً ينهق في شوارع الموت تضامناً مع فلسطين او سوريا او الشيشان! ليس ضميراً يصرخ مثل المجنون يحرق الأعلام ويهدد آلهته الحقيقية بالموت!
قد خسرتم يوم هاجرتم جبالكم وصحاريكم، يوم دخلتم مدن الملح والضلال والتيه، نعم قد خسرتم وسيدفع ابنائكم الثمن إلى الأبد، وسيتردد صدى الجريمة حتى نهاية التاريخ، لأنكم تختبؤن في قلب النكران والجمود، في رحم الموت خوفاً من التغيير، خوفاً من جلودكم القبيحة، من ازالة الشرنقة المتعفنة التي اكل ونكح ونام وبال عليها الدهر وشرب.
انه ليس نقد! انه جلد لكم! جلد للذات؟ لا يمكنه ان يكون جلداً للذات في غياب الذات، قد يكون جلداً للمجتمع، قد يكون جلداً للحجر او الجدوع الميته، قد يكون صراخاً في قرى البربر الخالية، في قرى خمير وشروس وتيزي وزّو، صراخاً في صحاري تاسّيلي ن ازجر وهُگّار.قد يكون عقم قد يكون عجز، قد يكون وصية بربري مدفون تحت احد الطرق المزفته، وكل هذا لا يهم، المهم هو بأنه قد يكون كل شيء إلا الكذب والتزوير والترضية وغيرها من الطرائف المضحكة حتى الاختناق.
كل شيء إلا الأخر الذي يملك دولاً وكتباً وتاريخا مدونً وحدوداً واعلاما انيقة وصوتاً في العالم. إن صوت رياح الجبل وامواج البحر اقوى من اصواتنا، اسمع اصوات الرياح في عواصمنا العتيقة، في قرطجنه وسيرينا وسيرتا وسجلماسا وباجا وتامسنا وتاهرت ومكناس وفاس ومراكش وتلمسان.
إن ذكرها وتعددها شيء لا يمكنني تجاوزه، إن ارواح كل من عاشوا فيها تعيش بداخلي، إن ئكيراون عاصمة اكسل تبكي في زواية قلبي وفاس عاصمة اورب عهرت يوما سُرق مجدها وبيع مقابل شجرة نسب لا تساوي حبة تراب من ربوع تامازغا.
انتم الذين تجيدون السحر: اسحروا الشعب واجعلوه يحب وطنه الأم! انتم يا مغلفي النساء غلفوا مؤخرة رجولتكم واحصدوا هذه الأرض كما حصدها اجدادكم يُؤكلون بها بطن روما والخلافة الجشعة! بدل كنسكم لشوارع مدريد وباريس وحرق اجسادكم مثل الجبناء، انتم يا اصحاب اللحي يا اصحاب الملابس الحجازية المضحكة الخالية من الجمال ادعوا ربكم أن ينزل المطر في اثيوبيا او يرسل طيوره إلى سوريا!
انتم يا “كاد” المعلم “أن يكون” أي علم لكم وقد اقسمتم على خدمة العروبة النازية والإسلامية الجاهلية، يا رجال السياسة يا مهرجي العصر بكل نكتكم الغبية الغير مضحكة، يا من تناقشون مشاكل الماء والكهرباء والقطط المتشردة والدجاج الرومي! وتتناسون مشكلة النفط المسروق والغاز المنهوب والفوسفات الخفي! والهوية الشاذة، يا شيوخ الصوفية لما لم نعد نرى معجزاتكم الإلهية؟
يا ايها الجياع يا ايها المجرمون يا ايها الرعاع يا ايها اللقطاء لن تصلكم رسالتي يوماً، فمنكم من لا يتكلم العربية لأنه لا يتكلم اصلاً، ومنكم من يتكلم بصوت الرصاص او الله، ومنكم من يتكلم الفرنسية! التي مع الأسف لا اعرف فيها إلا كلمة واحدة وهي: كونتر! اخخ يا بناة البيوت الأسمنتيه!
يا مستوردي الملابس المشرقية والغربية والشاي الأحمر والطرابيش التركية يا بناة المعابد القبيحة، يا مستوردي “يا ليلي يا عين” والسجائر المصرية واكياس القمامة القماشية. يا عبيد الحداثه والليبرالية والعلمانية، يا عبيد اللاملامح. كم من جبل غادرته الحياة؟ وكم من قصبة (قلعة) سقطت وانتم نائمون؟
قد يعتقد البعض بأني خلطت المواضيع بصورة طفولية خالية من الحس الكتابي، إن الخلط هو السمة الوحيدة التابثه في تاريخنا والذي سيؤدي في النهاية بمصير كل حيوان اجتماعي يرفض التطور إلى الإنقراض. إن هويتكم الميته فيكم كانت وستبقى عدواناً على أبطالكم المزيفيين وأوهامكم وتفاهاتكم، إنها فسوق بكل أخلاقكم وعواطفكم ولغاتكم وتاريخكم بل بكل الأشياء.
إنها تحولكم إلى دمامتكم وتعري حجمكم! هي الصوت الذي يتحدث عنكم ويفضح بشاعتكم، هل توجد بربرية اقصى من هذه؟؟ إن تفاهاتكم لا تطالبكم بالتنازل أو بالتغيير، إنها لا تفرض عليكم شيئاً! هل أنا ملحد لأني احاول منع الناس من أن يسيروا في طريق الحماقات ومزايا الحشرات الصامته!
انهي كلامي بالقول: اننا ندفن احبائنا في مقابر قذرة بلا ابواب تنتشر فيها الأفاعي بدل العصافير والأعشاب المضرة بدل الزهور، هناك حيث القبور تموت! وتختفي الأسماء والتواريخ، نرى حقيقة مدينتنا في سراب حقيقتنا. في انتظار زمن الاضطراب! فهل من مجيب؟؟
“روح الشرق قد تغيّر وأنه من الأن فصاعدا على كل بلد وهو يعود إلى القوانين الخالدة التي أملتها على الدوام الأرض والدم وإلى دروس تاريخه، أن يحرص على خلاصه الخاص. فلقد كانت القومية تشق خطاها تحت الفكرة الدينية” علي الحمامي (1941)
0 تعليق