مقترحات للخروج من الازمة الراهنة
تتلاعب دوائر الحكم في تونس بالعديد من مكتسبات الوطن و الشعب في اطار المناكفات السياسية بينها و الصراع الواضح بين رئاسة الحكومة المدعومة من حركة الاخوان المسلمين فرع تونس و رئاسة الدولة المدعومة من عديد اللوبيات السياسية و الاقتصادية، هذا التلاعب انحصر مؤخّرا في الجانب الحقوقي الذي يناضل من أجله العديد من الشخصيات و القوى التقدمية و الديمقراطية في تونس من أجل نيلها على مدار أجيال، ومثّل التقرير الذي اعدته لجنة الحريات المكلّفة من رئيس الدولة الحالي محمد الباجي قايد السبسي محور هذا الصّراع .
لقد قام الرئيس الحالي و عن طريق هذه اللجنة بالسطو على معظم التطلعات الحقوقية التي تسعى اليها القوى الديمقراطية و قام بالزجّ بها ضمن صراعه على البقاء في السلطة في الانتخابات القادمة 2019 و سعى الى تخويف الشعب بالقوى الرجعيّة سوى التي كانت في السلطة او الرديفة لها في الجمعيات الدينية و لجان المساجد وهو استنساخ لما قام به في الانتخابات الفارطة سنة 2014 و التي قام بعد فوزه بالتحالف معها و هاهو اليوم يقوم بنفس المناورة القديمة لايجاد موطئ قدم سياسي في المستقبل القريب.
ان ما يقدم عليه رئيس الدولة من تكرار الاخطاء السابقة هي دليل على ضعف الحيلة السياسية لديه في مقاومة الرجعية الدينية التي تسللت في مفاصل الدولة و التي قام هو بنفسه بتسهيل ذلك و قدّمها على انّها شريك صادق النوايا و ملتزم وطنيا بالخيار المجتمعي القائم و انها شريك سياسي لا يمكن تجاهله او تحقيق الاستقرار السياسي دونه فمضى الى توخّي سياسة هجينة عن مجتمعنا سمّاها بالتوافق.
غير ان هذا النوع من الغشّ السياسي الذي ينمّ عن فكر سياسي عجائزي لا يحذق تدبير التحالفات التي غايتها بناء الوطن و ليس الانفراد بالسلطة فشل في كلّ محاولات استحيائه بوثيقة قرطاج 1 و 2 ليكشف لنا بوضوح فشل المدرسة السياسية الكلاسيكية التي تنتمي اليها الطبقة السياسية الحاليّة . و يعدّ ابرز وجوه الفشل لهذه المنظومة هو الحرب الخفيّة بين هؤلاء التي تظهر تارة في التعيينات و المناصب و الصفقات الاقتصادية مع حلفاء الخارج و تارة اخرى تظهر في اثارة الدعوات القضائية ضدّ أحد مناصري الطرفين.
هذه الفترة التي تعيشها تونس هي سابقة تاريخية في الصّراع على السلطة في ظلّ وضع اقتصادي متردّي ينبئ بالمشارفة على افلاس الدولة اهمّ ملامحه تهاوي العملة التونسية الى اقصى درجاتها منذ وجودها و ارتفاع الدين الخارجي و العجز التصاعدي في الميزان التجاري و تهاوي احتياطي العملة الصعبة
و نقص الادوية في الاسواق و انخرام منظومة التأمين الاجتماعي و الانقطاع المتواصل للكهرباء و الماء الصالح للشرب و ظهور الاحتكار في المواد الاساسية المدعومة و تفشّي ظاهرة الفساد و الرشوة و المحسوبية في القطاع العام و الخاص و غياب التشريعات القانونية الرادعة لكلّ ذلك و عجز الدولة عن التصدّي و الرقابة لكلّ ذلك.
بل ان الدولة اصبحت شريكا في الفساد والرشوة حسب تصريحات رئيس الحكومة الحالية، يضاف الى ذلك تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية نتيجة للبطالة و تهاوي المقدرة الشرائية للمواطن و غلاء الاسعار الذي صاحبه ارتفاع معدلات الجريمة و ظهور شبكات الجريمة الاقتصادية المنظمة.
طبعا هذه الاجواء كانت مناسبة لظهور التطرّف الديني الذي يعمل من خلال المؤسسات الدينية كالمساجد و المدارس القرآنية و الجمعيات الخيرية و جامعات الشريعة و الاذاعات و القنوات الدعوية المختلفة بغطاء سياسي من حركة الاخوان المسلمين فرع تونس لترويج الافكار التكفيرية و العمل على ترسيخ المغالطات لدى العامة وان الاسلام هو الحلّ .
ادّى كل تلك النتائج الكارثيّة التي يتوخاها اصحاب السلطة الى تقسيم المجتمع التونسي بين مؤيّد لفكرة أسلمة المجتمع و الدولة و بين رافض لها و مطالب بالمزيد من الحقوق التي لم يعترف بها الى الان في النتشريعات التونسية على غرار المساواة في الميراث بين الرجل و المرأة و حقوق المثليين و رفع مؤسسة الولاية و تحرير الزواج من غير المسلم .
هذا الانقسام يتغذّى اليوم من تضارب المسارات و المصالح بين الطبقة السياسية الحاكمة و لكن الثابت الوحيد هو ان تنامي المدّ الرجعي في تونس يقرع جرس الخطر في العودة الى مربّع الفوضى المجتمعيّة التي تختفي فيها الدولة كقوة حاسمة للخلافات و يشرّع فيها المتطرّف قانونه الذي يريد وهو انذار بانهيار الدولة نتيجة محدودية سياسييها.
بعد هذا التشخيص نطرح نحن في حركة تغيير شمال افريقيا مشروعا اقتصادي و اجتماعي بديل للذي هو موجود لانتشال الوطن من براثن التجزئة و الانقسام الذي يتهدّده.
- فعلى المستوى السياسي نقترح الاعلان عن حلّ البرلمان الحالي و حلّ البلديات و الاعلان عن انتخابات رئاسية و تشريعية مبكرة خلالال ثمان اشهر و انتخابات بلدية و جهوية خلال سنة.
- في ا نتظار الانتخابات تجمّد كل صلاحيات الرئيس و رئيس الحكومة و رئيس البرلمان بما فيها المرتبات الشهريّة .
- تحجير السفر لكلّ من يحمل صفة مدير عام بادارة مركزيّة وصولا الى الوزراء و المستشارين مع استدعاء السفراء و القناصل في الخارج في ظرف شهر من تاريخ تجميد صلاحيات الرؤساء الثلاثة.
- تحويل الحكومة الحالية الى حكومة تصريف اعمال لا صلاحيّة لها في الامضاء على ايّ صفقات او اتفاقيات ما عدا مرتبات الموظفين.
- عقد اتفاقيات مع ممثلي العمال و الاعراف على تعليق الاحتجاجات الى ما بعد الانتخابات.
- تجريم كل المعاملات مع السفارات الاجنبية و خاصّة السياسية منها دون اذن رسمي من الدولة.
- على المستوى الاقتصادي: تعليق تسديد الديون الحالية عبر مشاورات مع المانحين لفترة خمس سنوات.
- عدم الاعتراف بالديون المتخلّدة في ذمّة نظام الرئيس المخلوع و عائلته.
- اعادة هيكلة قطاع الديوانة و توزيع المهام في جميع المعابر الحدودية.
- تتبع كل شبكات التهريب و التجارة الموازية.
- استخلاص الديون و القروض المتخلدة في ذمّة رجال الاعمال.
- استخلاص الضرائب من المتهرّبين منها مع احتساب فائض التأخير.
- غلق السوق التونسية امام البضائع الخارجية المنافسة للمنتوج التونسي وحث المنتج التونسي على الترفيع في مستوى الجودة للمنتوجات.
- مراقبة و تفقّد مسالك التوزيع للمواد المدعمّة و استحداث جهاز رقابة أمني عليها.
- اعلان سيادة الشعب و الدولة على الثروات الوطنية و وضعها على ذمّة نواب الشعب في الرقابة و اقرار العقود.
- تشجيع الفلاح التونسي و جدولة قروضه بما يشجعه على مزيد الانتاجية مع الجودة.
فتح معاملات اقتصادية مع الدول المتساوية في قيمة العملة من اسيا و امريكا اللاتينية لتجنّب خسارة فارق العملة و انخفاض الاحتياطي الوطني من العملة الصعبة.
- الانفتاح على التجارب الاقتصادية الوطنية في اسيا و امريكا اللاتينية.
- على المستوى الاجتماعي: اقرار العلاج المجاني للعائلات و الافراد الذين ليس لهم مدخول قار.
- اقرار منحة للعجائز و الشيوخ الذين ليس لهم فرد عائل تضمن لهم كرامتهم في العيش.
- اقرار حق العلاج المجاني لذوي الاحتياجات الخاصة العاطلين عن العمل.
- اقرار منحة البحث عن شغل و النقل و العلاج المجاني للعاطلين عن العمل في جميع المستويات.
- العمل على تشجيع القطاع الخاص في الانتداب بحوافز ضريبية مدروسة.
- اقرار استشارة وطنية موسّعة للاستثمار في التشغيل بمشاركة كل الاطراف المعنية و العمل على تفعيل مقترحاته.
- تشجيع التونسيين بالخارج للاستثمار في بلدهم.
هذا ما تقترحه حركة تغيير شمال افريقيا من اجراءات استعجالية لتطويق الازمة الاقتصادية و الاجتماعية الحالية و الترفيع في ايرادات الدولة التي عن طريق تلك المدخّرات تستطيع ان تبعث مشاريع و تنتدب يد عاملة جديدة و تشرع في امتصاص البطالة و خلق مواطن شغل و بالتالي موارد رزق للمواطنين الذين بدورهم يتحوّلون الى مستهلكين للمواد و المنتوجات الوطنيّة و بالتالي تبقى الاموال التي وقع صرفها في البنوك التونسية و تزداد موارد الدولة و يتحقق التوازن الاقتصادي.
اقرأ ايضًا : 01 – فرنسا المعلم الأول للعروبة
0 تعليق